يعد الصوم، ركناً أساسياً من أركان الدين الإسلامي، فرضه الله تعالى على عباده، جعلهم يمتنعون عن الطعام والشراب وجميع المفطرات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس في نهار رمضان، ومع تلك الفترة الطويلة من الامتناع عن الطعام والشراب، فإن الصائم قد يواجه بعض الأمور التي لم يقصدها، مثل التطريش أو الاستفراغ أو القيء. ومن هنا يطرح السائلون تساؤلات حول مدى تأثير هذه الأمور على صيامهم في رمضان، فهل يفطر التطريش في رمضان؟ وما حكم صوم من أخرج القيء أثناء صيامه؟، وهذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
هل التطريش يفطر في رمضان؟
يثير الكثيرون في الفترة الشهرية المباركة تساؤلات حول مدى تأثير التطريش على صيامهم في شهر رمضان، ولكن قبل الإجابة عن هذا السؤال، يجب أولاً التعريف بمفهوم التطريش، الذي يشير إلى إخراج محتويات المعدة إما بشكل قسري أو طوعي من خلال الفم أو حتى الأنف في بعض الحالات، وفي ظل فرضية الصيام التي تقتضي امتناع الصائم عن الأمور المباحة مثل الأكل والشرب، يصبح عليه سهلًا الامتثال لتلك القواعد بالابتعاد عن مثل هذه الأعمال التي قد تؤدي إلى فساد صيامه وإفساد محتوياته.
ويتفق العلماء على أن في حالة التطريش دون قصد، وإذا كان غير متعمد، فإنه لا يؤثر على صحة الصوم، ويظل الصائم ملتزماً بصيامه، أما في حالة التطريش المتعمد، فإنه يفسد الصوم ويتعين على الصائم قضاء اليوم الذي أُفسده بالتطريش.
وقد أجاب الإمام ابن باز -رحمه الله- عن هذه المسألة الشرعية بأن كثيرًا ما يعرض للصائم أمور لم يتعمدها؛ من جراح أو رعاف، أو قيء، أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره، فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم.
هل الاستفراغ يفطر الصائم؟
هذا السؤال يعتري الكثيرين في شهر رمضان المبارك، الذي يعد شهرًا مقدسًا يملأ قلوب المسلمين بالتقرب إلى الله تعالى من خلال أداء الصوم والعبادات الأخرى، ويأتي الاستفراغ في هذا السياق كمحور تحليلي، حيث يحدث الاستفراغ سواء كان متعمدًا أم غير متعمد.
في حالة الاستفراغ المتعمد، حيث يقوم الصائم بوضع أصبعه في حلقه لطرد محتويات المعدة، فإن هذا الفعل يفسد الصوم ويتوجب على الصائم قضاء ذلك اليوم الذي أُفسده بالاستفراغ، أما في حالة الاستفراغ غير المتعمد، فلا يُفطر الصائم وصيامه يظل صحيحًا، إذ يعتبر هذا الفعل خارجًا عن إرادته ولا يقصد به الإفساد لذلك لا يلحق ضررًا بصيامه.
حكم صيام من أخرج القيء وهو صائم في رمضان
يعد حكم صيام الذي يُجبر على استفراغ المعدة في شهر رمضان من القضايا الشرعية المهمة التي يسعى الكثيرون لفهمها والتعرف على حكمها الصحيح، وفي هذا السياق، أصدرت دار الإفتاء توضيحًا بهذا الشأن، حيث أكدت دار الإفتاء أن إذا كان الصائم يستفرغ دون قصد وبلا تعمد، فإن صيامه صحيح ولا يلزمه قضاء الصوم فيما بعد، شرطًا ألا يُسبب الاستفراغ بشكل متعمد وألا يقصر في حفظ ما يُخرجه من جوفه، وإذا دخل شيء من الاستفراغ إلى جوفه دون قصد فلا يؤثر على صحة صيامه.
أما في حالة تعمد الاستفراغ، سواء كان مختارًا أو غير مختار، فإن صيام العبد يفسد ويجب عليه قضاء ذلك اليوم وهذا يأتي استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ”.
هل الطراش ينقض الوضوء
تثير مسألة تأثير القيء على صحة الوضوء اهتمام الصائمين، وتتفاوت آراء العلماء والأئمة في هذا الشأن، حيث يرى بعضهم، مثل الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد، أن القيء يُبطل الوضوء، ولكن يشترط الإمام أحمد أن يكون القيء بكمية كبيرة.
بينما يرى الإمام الشافعي أن القيء لا يُبطل الوضوء، مُستندًا إلى عدم وجود دليل قاطع يثبت ذلك.