تقبل الذات: مفتاح النجاح الشخصي
تتطور شخصية الإنسان وتتسع مهاراته بمرور الزمن، خاصة عندما يتقبل نفسه ويحبها دون شروط. من الضروري أن يقوم الفرد بتقييم إمكاناته بموضوعية وشفافية قبل أن يبدأ في تحقيق أهدافه، سواء كانت بدنية مثل تسلق قمة جبل، أو شخصية مثل تطوير الذات. هذا يعني أنه يجب عليك تحديد نقطة الانطلاق التي تمثل وضعك الحالي، قبل البدء في إعداد خطة العمل اللازمة لتحقيق هدفك النهائي.
تلك الخطوة تعد ضرورية، حيث تساعدك على تقييم مستواك وقبول وضعك الحالي، مما يمنحك القدرة على المضي قدمًا في العمل نحو تحقيق هدفك بسرعة وفاعلية. تتطلب الخطوة الأولى للانطلاقة الصحية والمضمونة تحديد مستوى المهارات والإمكانات بشفافية وموضوعية، وقبول نتيجة التقييم برحابة صدر.
تقدير مستوى التقدُّم
يمكن للإنسان أن يلاحظ مدى تطوره الشخصي ويدرك مقدار التقدم الذي أحرزه عندما يقيّم وضعه الحالي بشفافية. وقد أظهرت الدراسات أن الوعي الذاتي يسهم بشكل كبير في تعزيز الثقة بالنفس. هذا يعني أن الفرد يجب أن يحدد مراحل تطوره الشخصي مع مرور الوقت، حيث تمثل كل خطوة إنجازاً يحفزه ويشجعه على المضي قدماً.
تظهر المشكلة عندما يقوم الفرد بانتقاد نفسه ولا يرضى عن التقدم الذي أحرزه، حيث يستخف بوضعه الحالي، مما يمنعه من تقدير الجهود التي بذلها حتى وصل لهذه المرحلة المتقدمة في حياته. تنخفض فاعلية الجهود المبذولة عندما يفترض الفرد أنه متأخر عن مستوى التقدم الذي كان يخطط للوصول إليه. القبول الذاتي يعبر عن قدرة الفرد على التصالح مع نفسه بعيوبها ومميزاتها، وليس بمعنى إنكار العيوب أو ادعاء الكمال، بل إدراك كل من نقاط القوة والضعف دون إصدار أحكام سلبية تنتقص من قيمة الجهد المبذول.
يجب أن تعترف بعيوبك، وتقبلها، وتقدر الجهد الذي تبذله في حياتك. تسوء أحوال الإنسان عندما ينتقد نفسه ويحبطها، ويستخف بالتقدم الذي أحرزه. تلك السلبية يمكن أن تؤدي إلى زيادة سخطه وغضبه من نفسه، مما يضعف ثقته بها. وقد تتزعزع ثقة الإنسان بنفسه، مما يجعله يخشى أن يبذل جهده في محاولاته المقبلة بسبب موقفه السلبي تجاه ذاته.
شاهد بالفيديو: 8 طرق بسيطة لاكتساب تقدير الذات
العطف الذاتي
يوضح أستاذ علم النفس "رام داس" أنه يحول غضبه إلى شفقة وعطف عندما يتعامل مع شخص منغلق الذهن، حيث يقول: "أشعر بالأسى حيال هذا الشخص، ولا يسعني إلا أن أشفق على حاله وأعطف عليه، فهو يعيش حياة محدودة بسبب ذهنه المنغلق". لذا، يجب أن تنتبه لموقفك تجاه نفسك، فإذا شعرت أنك تفتقر للإمكانات والمؤهلات المطلوبة، ولا تحقق النتائج التي تطمح إليها، عليك أن تعطف على نفسك وترحمها.
قد تظن أن قدراتك ومهاراتك الحالية لا تؤهلك لتحقيق النجاح الذي تصبو إليه، وتشعر بالعجز. في هذه الحالة، عليك أيضًا أن ترحم نفسك وتفهم الصعوبات التي تواجهها.
أسرار البيوت 2 الحلقة 181
العقلية الإيجابية
تؤدي ممارسة القبول الذاتي إلى تكوين عقلية إيجابية، تعمل على صرف تفكيرك عن العيوب وما ينقصك. هذا يدفعك للتركيز على إمكاناتك واتخاذ التدابير اللازمة لتنمية قدراتك وتحسين مؤهلاتك. التركيز على العيوب يؤدي إلى إعاقة تطور الفرد ومنعه من تحسين إمكاناته وقدراته، مما لا يسهم في حل المشكلة بل يزيد من تعقيدها.
التركيز على العيوب يزيد الضغط الذي يقع على عاتق الفرد، حيث تظهر أمامه مشكلة جديدة يجب أن يتغلب عليها قبل أن يستأنف العمل على تحقيق أهدافه. بالمقابل، يسهم القبول الذاتي في تجنب هذه المشكلة، بمعنى أن الفرد يكون مستعدًا للعمل على تحقيق أهدافه وإحراز التقدم بسهولة وسرعة.
يساعد القبول الذاتي على تعزيز ثقة الفرد بنفسه، وبإمكاناته، وبقدرته على تحقيق أهدافه، مما يدفعه إلى قبول التحديات وخوض التجارب الجديدة، والتخلص من الأفكار والمعتقدات التي كانت تعيقه وتمنعه من إحراز التقدم في حياته. هذه العقلية الجديدة تساعد على زيادة قدرة الفرد على النجاح والنمو.
عقلية النمو
ينجح الإنسان في حياته عندما يتقبل نفسه ويطور طريقة تفكيره من خلال اعتماد مبادئ عقلية النمو. قد تقل ثقة الإنسان بنفسه عندما يعترف بعيوبه، وهنا يبرز السؤال: "كيف يمكنني أن أثق بنفسي رغم عيوبي؟". يمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال تطبيق مبادئ عقلية النمو، والتي تتطلب اتخاذ التدابير اللازمة لتنمية القدرات والإمكانات الضعيفة.
يمكنك التغلب على مشكلة العجز وصعوبة التقدم والانتقال إلى المرحلة المقبلة في حياتك من خلال تطبيق مبادئ عقلية النمو والقبول الذاتي. عليك أن ترحم نفسك، تحتفي بإنجازاتك مهما كانت متواضعة، تتعلم من أخطائك دون أن تشغل بالك بها. ضمان ممارسات العطف والقبول الذاتي يعزز من جودة حياتك ويحقق لك مستقبلًا مشرقًا حافلًا بالنجاحات والإنجازات.