فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة، هي أيام مباركة ومفضلة عند الله تعالى، ففيها يتجلى عظمة الله ورحمته ومغفرته لعباده، وقد أقسم الله بهذه الأيام في كتابه الكريم قائلاً: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، وقد اتفق أهل العلم على أن المراد بهذه الآية هي أيام العشر من ذي الحجة، وقد حثّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على استغلال هذه الأيام بالأعمال الصالحة والطاعات المتنوعة، فقال: (ما من أيامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فيها أحَبُّ إلى اللهِ مِن هذه الأيام -يعني: أيام العشر- قالوا: يا رسول اللهِ، ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قَالَ: ولا الجهادُ، إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ)، ومن بين هذه الأعمال الصالحة التي يستحب فعلها في هذه الأيام، صيام نهارها وقيام ليلها، فإن صوم نهار هذه الأيام يستغرق كامل وقتها من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، تابعونا لمعرفة فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة.
فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
يقترب يوم الإثنين الموافق 19 يونيو 2023، من بداية العشر الأوائل من ذي الحجة، وهي فترة مباركة يحرص المسلمون في جميع أنحاء العالم على صيامها وأداء الأعمال الصالحة فيها، ويتوجهون فيها إلى الله عز وجل بالصيام والذكر والدعاء، ويتعبدون فيها أكثر من غيرها من الأيام، فالله سبحانه وتعالى يحب الصائمين ويكثر لهم الثواب والمغفرة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على فضل صيام هذه الأيام في الأحاديث الشريفة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة كما روت حفصة رضي الله عنها، وقد ثبت في فضل صوم هذه الأيام العديد من الأحاديث، منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَن صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) وقوله: (إنّ في الجنّة بابًا يُقال له الرّيان، يدخُل منه الصّائمون يوم القيامة، لا يدخُل معهم أحدٌ غيرُهم، يُقال: أين الصّائمون؟ فيدخُلون منه، فإذا دخل آخرُهم، أُغلِق فلم يدخل منه أحدٌ).
فضل صيام يوم عرفة
من بين الأيام العشر، يوم عرفة الذي هو التاسع من ذي الحجة، وهو يوم عظيم ومبارك، ففيه يقف حجاج بيت الله على جبل عرفات يدعون الله ويستغفرونه ويتوبون إليه، وقد حث رسول الله غير الحاج على صيام هذا اليوم، فقال:
(صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ)
فصيام يوم عرفة من أعظم الأسباب لمحو الذنوب والخطايا، ولا يجوز للمسلم أن يصوم يوم العاشر من ذي الحجة، وهو يوم عيد الأضحى المبارك، فإنه يحرم على المسلم أن يصوم يوم العيد باتفاق الفقهاء، وكذلك لا يستحب للمسلم أن يصوم أيام التشريق، وهي الأيام التي تلي يوم العيد، وهي أربعة عشر وخمسة عشر وستة عشر من ذي الحجة، فإن رسول الله قال:
(أَيّامُ التّشْرِيقِ أَيّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرِ اللّهِ)
فالحكمة من تخصيص هذه الأيام بالفضيلة والبركة هي أن فيها تتجلى رحمة الله تعالى بإظهار شعائر حج بيته، وإطعام المساكين من لحوم الأضاحي، فالحج هو ركن من أركان الإسلام، والأضحية هي سنة مؤكدة، والتقوى هي مقصود كل شرع، فالعاقل منا هو من يستثمر هذه المناسبات في طاعة ربه وقربة إليه.
بعض الأدعية التي يمكن قراءتها في العشر الأوائل من ذي الحجة
اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، أن تغفر لي ذنوبي وتعوضني خيراً منها، إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم إني أسألك في هذه الأيام العظيمة، أن تعينني على الصيام والقيام، وأن تجعلني من المقبولين، وأن تتقبل مني صالح الأعمال، إنك أنت السميع العليم.
اللهم اجعل هذه الأيام العشر من ذي الحجة أيام خير وبركة ورحمة، واجعلنا من المقبولين فيها، واجعل رزقنا فيها واسعاً، إنك أنت الواسع الكريم.
اللهم إني أسألك في هذه الأيام العظيمة، أن تجعلني من الذين يحرصون على قراءة القرآن والذكر، وأن ترزقني الإخلاص في الأعمال، وأن تجعلني من الذين يتقربون إليك بالطاعة، إنك أنت القريب المجيب.
اللهم إني أسألك في هذه الأيام العظيمة، أن ترزقني العلم النافع والعمل الصالح، وأن تجعلني من المؤمنين الذين يتقونك في السراء والضراء، إنك أنت الذي لا يضيع عنده الأجر.
هذه بعض الأدعية التي يمكن قراءتها في العشر الأوائل من ذي الحجة، ويمكن للمسلم قراءة أي دعاء يشعر به في قلبه، والتوجه به إلى الله عز وجل، فإنه سبحانه وتعالى يستجيب دعاء المؤمنين.
فوائد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
- أنه يزيد في الاقتراب من الله عز وجل.
- ويجلب الثواب الكثير، ويمحو الذنوب، ويعتبر من العبادات المحببة إلى الله.
- كما أنه يعد من السنن المؤكدة في هذه الفترة المباركة.
وفي الختام، يمكن القول بأن صيام العشر الأوائل من ذي الحجة يعد من الأعمال الصالحة التي يجب القيام بها في هذه الفترة المباركة، والتي تحمل في طياتها الكثير من الفضائل والأجور العظيمة، ويجب على كل مسلم الاستفادة من هذه الفرصة العظيمة، والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، والتي تحمل في طياتها الخير والبركة.
